جفاف قياسي يضرب دول أوروبا وسواحل المتوسط في أغسطس
جفاف قياسي يضرب دول أوروبا وسواحل المتوسط في أغسطس
سجّل شهر أغسطس الماضي جفافاً غير مسبوق اجتاح أكثر من نصف أراضي أوروبا ومنطقة حوض المتوسط، وفق بيانات رسمية حللتها وكالة "فرانس برس".
وأظهرت الأرقام التي نشرتها "فرانس برس"، اليوم الخميس، أنّ 53 في المئة من مساحة القارة تأثرت بالجفاف، في أعلى نسبة منذ بدء تسجيل المعطيات عام 2012، ما أثار مخاوف متزايدة بشأن تداعيات التغير المناخي على الموارد المائية والزراعة والأمن الغذائي.
وأشارت خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي تجمع بياناتها من الأقمار الصناعية والطائرات والسفن وهيئات الأرصاد، إلى أنّ النسبة القياسية لهذا العام تجاوزت المعدل التاريخي البالغ 30,1 في المئة لشهر أغسطس بين عامي 2012 و2024.
وأكد خبراء الخدمة أنّ ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بالانبعاثات البشرية للغازات الدفيئة أصبح عاملاً محورياً في تواتر موجات الجفاف وحرائق الغابات في القارة العجوز.
معاناة شرق أوروبا
تأثرت بلدان شرق أوروبا والبلقان بشدة، حيث اضطرت السلطات إلى إجلاء آلاف السكان من مناطق مهددة بحرائق غابات مستعرة، في حين لقي شخصان مصرعهما جراء تمدد الحرائق في بعض دول البلقان.
وتُعد هذه المنطقة من أكثر المناطق هشاشة أمام الظواهر المناخية المتطرفة، خصوصاً مع ضعف البنية التحتية لمكافحة الحرائق وندرة شبكات المياه البديلة.
عانت دول غرب أوروبا بدورها من انعكاسات الجفاف. ففي البرتغال، تراجعت معدلات الأمطار بنسبة 70 في المئة من مساحة البلاد، وهو ما انعكس على المحاصيل الزراعية ومخزون المياه الجوفية.
أما فرنسا التي ضربتها موجة حر ثانية خلال أغسطس، فقد واجهت نقصاً في المياه في ثلثي أراضيها، ما دفع بعض البلديات إلى فرض قيود مشددة على الاستهلاك الزراعي والمنزلي.
مواجهة أزمة مائية
شهدت بلدان شرق المتوسط بدورها وضعاً خطِراً، إذ سجلت البيانات تأثر أكثر من 90 في المئة من أراضي أرمينيا وجورجيا ولبنان بالجفاف، في حين اندلعت حرائق غابات في عدة مناطق من تركيا التي أظهرت بياناتها الرسمية نقصاً في المياه شمل 84 في المئة من مساحة البلاد.
وتعكس هذه المؤشرات حجم الضغوط البيئية التي تواجهها المنطقة، خاصة مع تزايد الطلب على المياه بسبب النمو السكاني والتوسع العمراني.
وتواصل ظاهرة الجفاف ضرب أوروبا منذ سنوات، غير أنّ وتيرتها تسارعت بشكل لافت خلال العقد الأخير.
وتشير تقارير علمية إلى أنّ أوروبا عانت في صيف 2022 من أسوأ موجة جفاف منذ خمسة قرون، وهو ما أدى إلى انخفاض مستويات الأنهار الكبرى مثل الراين والبو والدانوب، وتراجع الإنتاج الزراعي بشكل غير مسبوق.
ويحذر خبراء المناخ من أنّ استمرار الاعتماد على الوقود الأحفوري سيضاعف خطورة هذه الظواهر، ما يجعل الجفاف والحرائق جزءاً من "الواقع المناخي الجديد" في أوروبا والمتوسط.